المحجوب لصدى : الديوان لا يتدخل في عمل المركزى وتخصيص العملات لتوفير السلع وليس للهدر

473

ضيفنا لهذا الاسبوع هو عضو هيئة التدريس بالجامعات الليبية ووكيل في  وزارة الاقتصاد سابقاً اما الآن فهو المستشار الاقتصادي لرئيس ديوان المحاسبة الليبي ورئيس اللجنة التأسيسية العليا لتجارة العبور انه دكتور على أحمد المحجوب .

التقيناه وحاورناه في مجال تخصصه لنسأله عن الشأن الاقتصادي وعمل ديوان المحاسبة ، وكانت هذه محصلة اللقاء :

س/ سيصدر خلال الايام القادمة تقرير ديوان المحاسبة عن مصروفات وايرادات الدولة عن السنة المالية 2017م ترى ماهى اهم الجوانب الذي سيتعرض لها التقرير بنظركم؟ وهل من ايجابيات ستذكر خاصة واننا بتنا نعرف السلبيات التي سيحتويها التقرير قياسا على سنوات سابقة؟

ج/تقرير الديوان السنوي هو بمثابة إثبات لما تم من عمل في الجهات الخاضعة لرقابة الديوان ويتم عادة ذكر الجوانب الايجابية التى تتم في القطاعات وكذلك الجوانب السلبية ويقوم بالتالي بتوثيق حالات الفساد مقصودا او غير مقصود وكل مظاهر الهدر او  القصور او التجاوزات ومايترتب عنها  من نتائج وقد يركز الديوان على ملفات دون غيرها وذلك بسبب اتساع وكبر حجم العمليات التى تتم خلال سنة في القطاعات المختلفة.

س/هل ترون ان فكرة الاستيراد عن طريق مستندات برسم التحصيل يمكن ان تؤتي ثمارها وتحد كثيراً من فساد الاعتمادات المستندية؟

ج/ اسلوب الاستيراد بمستندات برسم التحصيل هو اسلوب معمول به ومعروف خلال التجارة الدولية ويقوم على أساس الثقة بين التاجر المحلي والمصدر في الخارج حيث يرسل المصدر السلع والمستندات الذي يقوم بتقديمها للمصرف ليتم السداد، غير ان هذا لايتوفر في ليبيا نظراً لعدم توافر الثقة من قبل المصدرين بشكل عام نظراً لعدم استقرار الظروف في ليبيا وعدم وجود حكومة قد تتدخل لضمان حق المصدرين عند تباطؤ التاجر المحلي المورد وبذلك عندما يوافق مصدر خارجي للتعامل بهذا الأسلوب فأنه يطالب بسعر مبالغ فيه ومضاعف نظراً للمخاطرة، اما اسلوب الاعتمادات فإن المصارف تدخل ضامن بين المصدر في الخارج والمورد المحلي اما الفساد وعلاقته بالاعتمادات او المستندات برسم التحصيل فهو موجود وان كان في اسلوب مستندات برسم التحصيل أكبر نظراً للحرية الممنوحة للمورد ولاقتصار دور المصرف فقط في تغطية وتحويل قيمة السلع.

س/لماذا قلص ديوان المحاسبة حجم الموازنة الاستيرادية ! و هل ترون ان التشريعات تكفل له حق التدخل في عمل وزارة الاقتصاد والبنك المركزي فيما يخص هذا الجانب؟

ج/ الديوان لم يقلص ابداً الموازنة الاستيرادية هو طلب مبررات لصدور قرار مستندات برسم التحصيل الذي صدر عن الرئاسي، حيث أن الموازنة الاستيرادية تعمل عليها وزارة الاقتصاد التى احالت عديد الموافقات الى المركزى  وبقيمة 4 ملياروالذي لم ينفذ منها الا نسبة 30% ومع ذلك يصدر قرار من الرئاسي بقيمة مليار ونصف إضافية لتوريد نفس السلع موضوع الموافقات التى احالتها وزارة الاقتصاد الى المركزى أساساً، وبعد  ان طالب الديوان المبررات قام الرئاسي بتعديل القرار وتم التخفيض الى قيمة 450 مليون لتوريد سلع لشهر رمضان.

ولذلك لم يتدخل ابدا الديوان لا في عمل المركزى او الاقتصاد او الرئاسي ولكن الديوان مسؤول عن متابعة المال العام وحيث ان العملة الصعبة غير متاحة للجميع وعليه فإن تخصيصيها يجب ان يكون لتوفير السلع للمواطن وليس للهدر وان يكون طريق لتحقيق البعض لثروات علي حساب الليبيين، وبعد الايقاف والمراجعة ظهرت أيضاً من خلال مراجعة سنة 2017 ان المركزى وبدون موافقة او علم وزارة الاقتصاد كان يمنح اعتمادات مستندية لبعض التجار حتى بدون ان يسجلوا في منظومة الموازنة في وزارة الاقتصاد وبلغت الاعتمادات الممنوحة بالتجاوز بقيمة 3 مليار دولار.

س/استشراء عمليات الفساد وجرائم غسيل الاموال داخل الدولة الليبية امر بات مصدر قلق للكثير وحتى للىبعض الدول لما له من اثار عكسية فهل اتخذ الديوان اي خطوات في سبيل الحد من هذه الجرائم وهل هناك جرائم من هذا النوع أحيل مرتكبيها لمكتب النائب العام؟

ج/ان الديوان يقوم بتوثيق حالات الفساد المالي ويقوم بإحالة القضايا التى ينظر فيها الى النائب العام، ويطالب دوماً بتصحيح الإجراءات وهو يوقف العمل بموجب الكثير من العقود التى يكتنفها شبهات فساد او اختلاس، وكذلك تقرير الديوان السنوي يحوى اشارة لكل التجاوزات، و كان من المفترض ان تقوم السلطة التشريعية بفتح باب المساءلة كل عام بناء على ما ورد في تقرير الديوان ولكن غياب السلطة التشريعية كان السبب في تزايد حالات الفساد التى لايتم محاسبة المخالفين وبالتالي تتقادم حالات الفساد ويذهب المخالف بما سرق او تسبب به من اهمال او تجاوز او محاباة بغض النظر عن من ارتكب المخالفة وزيرا كان او مديرا عاما او موظف.

س/الموازنة التسييرية لهذا العام 2018  فاقت 40 مليار دينار ، الا ترون ان الرقم كبير جدا مقارنه بعوائد الدولة وهل سيؤدي ذلك الى مضاعفة الدين العام وزيادة الانفاق بدلا من ترشيده ؟

ج/ نعم موازنة 2018 بقيمة 42 مليار كبير ونعم سينتج عنها مضاعفة الدين العام الذي يتجاوز ال 100 مليار دينار، ونعم كبر حجم الموازنة يعكس حجم الانفاق والهدر الذي تمثل المرتبات منه قيمة كبيرة وهذا ناتج عن ترهل القطاع العام بل ووجود حكومتين بكل موظفيها ومستشاريها ووزراءها تخدم فقط شعب لايتجاوز عدده اقل من 7 مليون نسمة، ويفترض ان لا يتجاوز العاملين في القطاع العام بما لا يزيد عن 600 الف موظف لاغير.

س/الأزمة المالية واقصد مشكلة السيولة بالمصارف ألم يسعى الديوان لايجاد حلول علمية وعملية لها تبشر بقرب انفراجها؟. 

ج /ازمة السيولة إن الديوان جهة رقابية وطالب اكثر من مرة من المصرف المركزى متابعة المصارف التجارية وايضا طالب المصرف المركزى بإتخاذ سياسة نقدية تسهم في حل الازمة، ولكن مايأتي كل مرة هو انه تمنح اعتمادات او مستندات برسم التحصيل فمثلاً لو قلنا انه تم منح مليار دولار اعتمادات او برسم التحصيل فإن التجار ملزمين لإيداع مليار و400 مليون دينار مقابل مليار دولار، وماذا يحدث؟ اما ان الدولار يبقي في الخارج ولايتم توريد سلع او يتم توريد سلع يبيعها التجار بقيمة 6 مليار دينار بسعر السوق السوداء وبالتالي فإنهم يسحبون مقابل ايداعهم مليار و400 مليون دينار في المصارف يسحبون من الناس 6مليار دينار مقابل بيعهم للسلع ويحتفظون بالسيولة عندهم ولا تُعاد ايداعها في المصارف حتى تأتى فرصة اعتمادات مرة اخري ليودعوا منها جزء ويسحبون مقابل ذلك جزء مضاعف من السيولة من ايدي الناس.

وختاماً كيف ينظر د. علي باعتباره خبيرا واستشارياً الى المستقبل المالي والاقتصادي لليبيا في ظل المعطيات الحالية؟؟

ج/ ليبيا بلد انعم الله عليه بالكثير من الخيرات ولكن سوء الادارة والسلبية المفرطة والثقافة الموروثة هي اسباب ساهمت فى خلق نظرة الغنيمة عند المسؤولين والتجار وبالتالي التركيز على خلق الثروات لبعض الافراد بغض النظر عن حال الدولة ايضا عدم الاستقرار السياسي والحاجة لتمويل التيارات والمليشيات ساهمت في استشراء الفساد  واسلوب المحاصصة المقيت الذي  اوجد حالة من عدم  تأسيس التفكير الاستراتيجي في ايجاد مشاريع قد تحقق بدائل للدخل وتساهم في خلق ثقافة مجتمعية تقوم على احترام قيمة العمل.ومع كل ذلك فإن ليبيا مازالت بكر ولم يتم استغلال سوى الغاز والنفط فيها ومازال الموقع الجغرافي والعديد من مصادر الدخل الاخري التى ستكون يوماً ما نقطة انطلاق لليبيا نحو بناء نفسها وتحقيق الرفاهية لكل مواطنيها.